عودة ماركس جديد وبداية تاريخ وعالم آخر مختلف:
التاريخ لم ينته، وإن التناقضات الرأسمالية المرتكزة على
الأجر والمنافسة ينبغي مواجهتها بتنظيم واع قادر على مركزة فوائد العمل.
تؤكد التحليلات التي قدمها ماركس على ما نشعر به اليوم من ازدياد
الحاجة إلى عالم مختلف جديد تتبدل فيه العلاقات الاجتماعية، ويصبح فيه الإنسان
هدفا بحد ذاته، وتهيمن الحرية، وتتفتح الشخصية، وتتطور القوى البشرية. بذلك
يغدو الكلام عن موت ماركس كلاما إيديولوجيا وسياسيا.
البحث عن ماركس من جديد، يستجيب للحاجة المتزايدة إلى مجتمع بديل، لا
تحتكر فيه إدارة الفعل الجماعي للأفراد من البرجوازية، ولا يخضع للعلاقات
الرأسمالية وقوانين السوق أو قوانين المنافسة التي تحمل عنفا مخبأ، ولا يشكل الفرد
فيه عنصرا من هذه العلاقات أو شيئا من حركة الأشياء.
إنالخيار في اعتقادنا ليس بين إعادة بناء الماركسية بل
تجاوزها، طالما هناك نظرية جديدة وتوجه نظري جديد
يتفوق على الماركسية في مواجهة الرأسمالية، تلك هي التشاركية.
فلم ينتقد ماركس علاقات الإنتاج الرأسمالية بوصفها غير عادلة أو ظالمة
أو لا أخلاقية، بل قبل وجود عدالة رأسمالية وقارنها نع العدالة الشيوعية، وبحسب ماركس،
المشكلة الحقيقية هي مشكلة الاستغلال التي تقوم على فصل العامل عن الاستخدام الحر
لوسائل الإنتاج وعن إدارة فائض القيمة الذي ينتجه. ولم يدع ماركس أبدا إلى
صوغ نظرية للعدالة يكون موضوعها ليس فقط تغير توزيع المنتجات الاجتماعية، بل كذلك
تغير توزيع عناصر وشروط الإنتاج. العلاقة الاجتماعية الرأسمالية الأساسية، علاقة
استغلال العمل بواسطة رأس المال، لم تعرف كعلاقة غير عادلة، وإنما كعلاقة متناقضة.
وبرودونوالاشتراكيون الراديكاليون هم الذين رأوا في عقد الأجر الحديث
تبادلا غير متساو وغير عادل على المستوى القانوني.
وإن اعتبار تطور القوى المنتجة على أنه أوالية تنتج المشاكل وتحفز، لا
ينفي أنها غير كافية لتحدث تغييرا في علاقات الإنتاج الأساسية وتجديدا تطوريا
في نمط الإنتاج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق