مفهوم التشاركية:
التشاركية (Partenairialisme)، مذهب ونظام مفتوح غير مغلق، جديد وعادل (Juste)، ذو مستويات خطاب
ووجود عدة: اقتصادية،اجتماعية، سياسية، وفلسفية. نظام مفتوح غير مغلق،مبني على
أساس اقتصادي ذو تفرعات متعددة.
التشاركية هي النظام الذي يبحث عنه عالمنا المعاصر في ما كان يسمى الطريق الثالث
التمويهي، أي في "الليبرالية الاجتماعية " الناقصة وغير المثالية حتى في
أسسها وطموحاتها، تجاوزا للاشتراكية الماركسية والرأسمالية الليبرالية في صراعهما.
التشاركية دون أي اعتبارهي الإجابة لفرنسيس فوكوياما حول
أقواله في المقال: "نهاية العالم والإنسان الأخير ... عشر سنين من بعد"
(في سنة 1999). هذه الإجابة هي أن التشاركية هي التي تولد من رماد الليبرالية
وهي أيديولوجية ما بعد الليبرالية، كدليل أن منطق التطور في تاريخ البشرية لا
يؤدي حتما بالأمم الأكثر تقدما إلى النظام الأكثر قوة في زمانها -متمثلا في
الديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق في حالنا -، وأن قانون الحياة يقول بأنه لا
يخلف فرد (شخصية فيزيائية أو شخصية معنوية كانت) عن جماعة إلا إذا استقطبته حقيقة
أخرى – ولو لم يستوعبها (بعد) – أو نقصت حقيقة الجماعة؛ فلا يختلف اثنان على
الحقيقة الواحدة. إجابة بأنه يمكن أن يوجد، مهما حدث، على أي مستوى، وبكل صفة، ما
يناقض أي استنتاج بأن أي نظام – حتى التشاركية ذاتها – هو الذي فقط يفتح السبيل
الحقيقي الوحيد نحو التحقيق التنمية. ولكن يتشبث المرء دائما بما يظنه الأحسن،
والتشاركية هي كذلك.
التشاركية هي إيديولوجية "ما بعد" الليبرالية الرأسمالية، كمحصلة جدلية
للاشتراكية والرأسمالية معا، وللتناقض الحاد للرأسمالية بين الرأسمالية
الصناعية والرأسمالية المالية كمستوى ثاني للصراع في الرأسمالية الغالبة، محصلة
جدليةتؤسس لوجود "دولة تشاركية" Etat Partenarialiste متميزة بخصائصها (
نشرحها في كتاب خاص بها).
التشاركية هي ذلك البديل والطرح الحقيقي الأصيل والفعال، من اجل الفكاك من وضعية
العالم المتأزمة وسيطرة النيوـ ليبرالية المتوحشة مع تحجر الماركسية.
التشاركية، مذهب من أجل العمل والنشاط. هي جوابنا للمشكل المطروح علينا:
ماذا بعد الرأسمالية و الليبرالية المتوحشة؟
التشاركيةهي الضرورة لوجود بديل جذري، يتمثل في تحرر
الأفراد وإنهاء الاستعباد، وفي إنشاء عالم جديد على أنقاض العالم القديم.
التشاركيةيوتوبيا(طوباوية) (Utopie) ومثال مجردين، حلما
ووعدا وتعبيرا نقديا مناقض للرأسمالية والظلم والاضطهادبحيث أن "الاستغلال لا يولد القمع بل
يتحد معه". ذلك إذا لم تتحقق التشاركية و لم تجد القوة الاجتماعية التي
تؤمن وتعتقد بها وتعمل على تجسيدها في الواقع. الفاعل المحدد للمجابهة والكفاح
فيها لا يحدد مسبقا، بل يخلق في الفعل والممارسة. فالتشاركية هي أن منطق
الأفكار ليس في الأفكار نفسها. التحليل مهما بلغت أهميته، لا يحدد ما يحصل
في الواقع. الطوباويةهي فعل ضروري للعقل أو للتفكير في العالم الأفضل.هي
أمر شرعي لأن الإنسانية في الراهن لا تستطيع صوغ ممارستها الحقيقية إلا إذا
أخذت في الاعتبار وجهات نظر البشرية في المستقبل. التشاركية شيء ممكن.
فيالأساس، تطرح التشاركية، كحركة فكرية نقدية، وكأداة لتغيير العالم (كشف
الواقع والعمل على تغييره) لكن مع تبريرات لممارسات اجتماعية محددة. وتشكل
نظاما فكريا منفتحا يطرح تساؤلات دائمة،
وهي على تناقض مع الإطلاقية الإيديولوجية والشمولية التي تدعي شرح كل شيء، وتدل
على حركة الفكر أكثر مما تدل على قوانين ثابتة أبدية، وتدعوا إلى تغيير علاقات
الإنتاج الرأسمالية، لا إعادة إنتاجها، وإلى نزع صفة القدسية والتشيؤ عن علاقات
العمل. فعلى التفكير النقدي الحقيقي بحسب ماركس، أن يقدم البرهان عن
مقدرته على تحليل الواقع الاجتماعي والطريقة التي ينخرط الأفراد بواسطتها فيه. فلن
تكون هناك حرية إذا لم تكن هناك علاقات اجتماعية حاملة للحرية. التشاركية ورشة عمل
مفتوحة قبل أن تكون نظاما نظريا، يتجاوز نفسه.
في التشاركية: المساواة التي تتحدث عنها الرأسمالية لا تعدو كونها مساواة
شكلية تغطي لا مساواة حقيقية. إن الديمقراطية والحرية ونظام التمثيل لم تستخدم إلا
للحفاظ على النظام القائم. وفي هذا السياق، ما قيمة الحرية إن لم تتأمن
الظروف الاجتماعية التي تسمح بممارستها؟ يصبح الناس في المجتمعات الرأسمالية
غرباء عن أنفسهم، ويعيشون حياة غير حياتهم، وتصبح حياتهم الحقيقية حلما ،خيالا أو
وهما. في التشاركية: الديمقراطية الحقيقية ثورية في العمق وضد الرأسمالية .التشاركية
تنادي بأنه:ينبغي المطالبة بالديمقراطية في كل بنية سياسية خاصة، و في غيرها من
بنية إقتصادية وحتى الفكرية منها، وعلى المستويات كافة.
التشاركية، هي قبل كل شيء إيديولوجية تيار فكري، وحركة أفكار، لها أهداف محددة: هي
الطريق الثالث الحق والحقيقي. الكلمة المفتاحية له هي تجاوز ثنائية اليمين/اليسار
البائس والمزيف التي أصبحت دون أي معنى من خلال تطورات علاقات الإنتاج في العالم.
طبعا، اختيار الحكم من طرف اليسار أو اليمين ليس هو الديمقراطية. الديمقراطية
هي القدرة على فرض بأن لا يخدعك أو يخونك لا هذا ولا ذاك.نحن البديل الوحيد
الحقيقي لهذه الخدعة الثنائية لليسار البائس والمزيف، ولليمين، الذين ليسوا إلا
الوجهين لنفس العملة الواحدة، أحدهم كما الآخر يتداولون أطباق وصحونرأس مال
الهيمنة، من أجل الحفاظ على امتيازاتهم.
قد تبين أن التركيبةالبشريةللطبقة السياسية من نفس التركيبة البشرية
للرأسماليين المستغلين: ما يسمى باليسار الحالي البائس والمزيف، ليس خارجا
عن النظام، كما يتخيله الذين يتهمونه بخيانة مبادئه وأفكاره: اليسار ليس إلا
يسار اليمين، لكن بصيغة أخرى هو الآن، بصفة عامة، جزء من اليمين، ولا يمكنه
إلا المساعدة على تأبيد النظام الليبرالي. متخرجون من نفس المدارس أين تتكون
"النخبة"، لهم مسارات متشابهة ومتقاطعة، رجال السياسة ورؤساء الشركات
ينتمون كلهم إلى طبقة الملاك.
قادة كل البلدان درسوا في نفس كبرى مدارس التجارة.
عاشروا نفس جامعات الاقتصاد، تلك التي توجد فيها كل الأدبيات الاقتصادية
النيوليبرالية للبنك
الدولي، صندوق النقد الدولي، وللمنظمة العالمية للتجارة. لقد رضعوا من نفس
الأطروحات الليبرالية، نماذج معرفية فيها السوق هو السيد. إنهم يشاركون في
بلدانهم في إعادة هيكلة إقتصادية واجتماعية بتوافق مع قواعد الانفتاح الاقتصادي
والمالي. 80 %من الشباب الموظفين من طرف هذه الهيئات يخرجون من قالب واحد. إنهم في نفس
الكون الذهني. والباقي ليس إلا كلام فارغ.
الآنأن ننتخب ديمقراطية- اجتماعية (اشتراكية ديمقراطية) أو
يمينا، هو نفس الشيء. الكل يقول: "لا نستطيع القيام بأي شيء، السوق هو الذي يقرر،
الحزب الأعلى لرأسمال الاحتكارات".
التجربة الاشتراكية الديمقراطية تشكل مثالا للصراع الطبقي اللاثوري. ورغم أنه غير
ثوري يعتبر صراعا طبقيا، لا يطرح للتساؤل نمط الإنتاج الرأسمالي، ولا يعمل على
استبعاد آلة القمع التي هي الدولة البرجوازية والنظام الرأسمالي الليبرالي، بحسب كارل
ماركس، وإنما يعمل في خدمتها.
تأثير الرأسمالية في الاشتراكية الديمقراطية هو أن الاشتراكيين الديمقراطيين
تبنوا منطق السوق، وحققوا اتفاقا تاريخيا مع "سلطة" رأس المال، وهم،
بالتالي، لا يصححون مساوئ الرأسمالية. وثمة في أنظمة الأحزاب الأوربية، حاليا،
اشتراكية ديمقراطية قوية، إلى حد ما، إنما لا "دور" اجتماعيا و اقتصاديا
معرفا ومدركا في وضوح لهذه الاشتراكية. تشارك الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الآن
في السلطة، وتتمتع بقدرة كبيرة على التكيف. ويتوافق تحولها الزائد نحو
"الليبرالية الاجتماعية" والاعتدال مع ازدياد في سيطرة أفكار الخصم
وتفوق قوي في "نظامه الإيديولوجي". وأمام تحدي الليبرالية الجديدة وغياب
أي نموذج اجتماعي اقتصادي أضحى الاشتراكيون الديمقراطيون مجبرين على التخلي عن
راديكاليتهم الإيديولوجية لأهداف انتخابية. وفي النتيجة تبقى الاشتراكيةالديمقراطية
تبدو اليوم منهكة إيديولوجيا وضعيفة اجتماعيا وقوية انتخابيا. ويمكن القول في
بساطة إنها في اللعبة وتطرح كقوة طبيعية للبديل الحاكمفي ظل عدم وجود البديل
اليساري الحقيقي. ويعتبر ذلك مؤشرا على التبعية المتزايدة للاشتراكية الديمقراطية
أمام إغراءات الوضع السياسي.
أمام سيطرة الإيديولوجيا الليبرالية الجديدة، فإن الوفاق الاشتراكي الديمقراطي
يقوم على الجمع بين ثلاث مصالح متناقضة: مصلحة الطبقة العاملة، مصلحة رأس المال
للنمو بدون عقبات، ومصلحة الجماعة الوطنية من أجل خير معمم. وتبقى الأحزاب
الاشتراكية الديمقراطية عبارة عن تشكيلات شعبية انتخابيا رغم ارستقراطيتها وسيطرة
الطبقات الوسطى على أجهزتها، وتبقى مرتبطة بالعمال والفئات الشعبية، مع الإشارة
إلى دورها الطبقي عبر التاريخ في لحظات معينة، إلا أنها لا تشكل حاليا أحزابا
طبقية.
الاشتراكية الديمقراطية في حلقة مفرغة بسبب كثرة تناقضاتها وضعفها.
يحاول الاشتراكيون الديمقراطيون مثلا التمدد نحو قطاعات من السكان غير العمال، لكن
من غير أن يحظوا بدعم العمال. فالرابط الذي يشد الطبقة العمالية إلى الاشتراكية
الديمقراطية بدأ ينحل. فالعمال اليوم هم أقل تحسسا بالبرنامج السياسي للاشتراكية
الديمقراطية من الماضي، فهذه الأخيرة أقل تحسسا بالمطالب العمالية ومأساة اليسار
المعاصر أنه لا يستجيب للمطالب الشعبية. بصيغة أخرى، الاشتراكية الديمقراطية
الجديدة أكثر قربا من الرأي العام وأكثر بعدا عن المجتمع. لكنبقدر ما ينتشر
الفقر وتشتد مقاومة المجتمع والحركة النقابية لتأثيرات السياسات المتعبة بقدر ما
تكبر حظوظ الأحزاب الاشتراكية في السير في الطريق الاجتماعي.
أما التشاركية رد اعتبار للسياسي الحقيقي (le vrais politique). فالقادة السياسيين"المؤثرين"،
أصبحوا أقل فأقل سياسيين، وأكثر فأكثر خدام بنوك ومال. بدون أي مشروع حقيقي،
يتكالبون على نسيان تعهداتهم منذ انتخابهم، ليس لهم إلا هم وحيد: أن يكونوا
محبوبين ويعاد انتخابهم. مراياهم في هذا العصر هي الشاشات. إنها تسمى التلفاز، "فايس
بوك"، "تويتر" ...الخ. وظيفتها؟:تدعيم الصورة الجميلة التي
عند "الأمير العصري" حول نفسه ووضعها في خدمة منافعه الشخصية.
بدون أي سلطة حقيقية على الأسواق التي تقرر الاختيارات الاقتصادية والسياسية
للدول، القادة السياسيين ليس لهم بعد ذلك إلا برنامج وحيد لبيعه: هذا البرنامج هو"هم
أنفسهم". بالتخلي عن كل شيء أمام عشق ذاتهم المفرط، فإنهم لا يقررون ولا يمارسون
السياسة، إنما يتواصلون ويبلغون، حول شخصهم أولا، أو فقط. سيرتهم الذاتية، طفولتهم،
مسارهم المهني، غرامياتهم وعلاقاتهم، آلامهم، صديقاتهم و/أو أزواجهم: المواطنين
يعرفون بالتقريب كل شيء عن أشخاصهم، ولا يعرفون إلا الشيء القليل عن مشاريعهم،
برامجهم، وأفكارهم وقناعاتهم الحقيقية، من أجل المجتمع والصالح العام. ذاتهم
تستعرض في كل حين. استعراضيتهم لا تعرف أي حدود: فمنذ سنين قريبة، كل الديمقراطيات
العريقة "النموذجية"(؟ !)، وضعت وأسقطت الحاجز بين الخاص والعام. كل
السياسيين خاضوا لعبة عرض حياتهم الخاصة فقط، على الرأي العام. كلهم يتشبثون
بالظهور مع نسائهم، اللواتي لا يتوانين عن ذكر "براءتهم الطفولية"
و"عدم اهتمامهم"(؟ !).
السياسة لم تعد كما كانت: صراع برامج، أفكاروقناعات على الأقل. أصبحت غرفة تزيين
وتبديل الملابس الاستعراضية للكومبارس السياسي، وطغى الإلهاء المسرحي بالشكل
لنسيان المضمون.أصبحلا فرق بين النجوم السينمائيين والفنيين ورجال السياسة في
الوقت الحاضر، كلهم سلع ورموز سوق الصورة والإعلان لا الإعلام. التواجد المكثف
والوحيد للحياة الخاصة في الفضاء العمومي دفع إلى فقدان قيمة السياسيعن قصد.
معظم المسؤولين ليسوا بحاملين لأي رؤية مستقبلية، لأي "مشروع"، ليس لهم
بتاتا أفكار، غير أنهم أغبياء ومن سياسة وضيعة، ولغتهم بالعادة غير صحيحة : أخطاء كبيرة
وكثيرة، غياب الاقتصاد في اللغة، أسلوب غير محتمل بثرثرة متضخمة في تدخلاتهم.هذا
التضخم في العبارات المتكررة يعبر عن نقص حقيقي في القدرة على تسيير الحياة
اليومية و يلقي الضوءعلى غياب بدائل وحلول ومشاريع حقيقية. تعدد الأفكار القبلية
الجاهزة والأحكام المسبقة، يشهد على انحراف اللغة وخروجها عن الطريق.
لعدم وجود أي مشروع حقيقي عندهم، يستعرضون أنفسهم وذواتهم. لأجل تسويق أنفسهم،
لهم حاجة مطلقة ومستمرة "للإعلاميات"، متواصلين وصحفيين، الذين يعطون
لهم قيمة، ويقدمون لهم الإحساس الخاطئ، لكن المتضخم إلى ما لانهاية، بالوجود
حقيقة. معظم وسائل الإعلام تدفع وتشجع الصحفيين إلى أكبر قدر مما تسميه
"الحياد الإعلامي"؛ يستكنفون عن إطلاق الأحكام ويكتفون فقط بنقل المعلومة،
ويظنون أنهم "موضوعيين":وجود جريدة، الحفاظ على حصة تلفزيونية، متعلق
بالمساهمين فيهما، بالمعلنين والمشهرين، وبمساعدات وتمويلات الدولة. مهتمين
ومتخوفين من عدم إرضاء مموليهم كما قرائهم، مستمعيهم، مشاهديهم، ومتابعيهم،
المستهلكين لسلعهم، وسائل الإعلام أصبح هدفها الأول إشباع استعراضية المهيمنين وتفرجية
الخاضعين. الترفيه أصبح يقوم بدور أخطر من الأخ الأكبر في مجال الرقابة. لقد
غمر حياتنا المعاصرة، فالتسلية ابتلعت السياسة والتعليم والإعلام والرياضة
والثقافة والإعلان والتسويق وتحولت إلى غاية الغايات. فالمهم أن نتسلى ونضحك. لكن
الضرر، كما يؤكد "ألدوسألوكسي"،المؤلف في 1932للكتاب المترجم إلى
اللغة الفرنسية بـ "أفضل العوالم"، لا يكمن في استبدال الضحك
بالتفكير، بل في عدم التفكير لماذا نضحك؟ ولماذا توقفنا عن التفكير؟ وعلى من
يتم الضحك؟ ومن هو الضاحك الحقيقي؟
الديمقراطية هي، في هذا الإطار الخاص، شبيهة لطاحونة كلام. اللغوي الأمريكي
الكبير ناعومشومسكي (Naom Chomsky) له الحق بتعريف وتحديد الديمقراطية كما يلي: "
خاصية ألفاظ الخطابات السياسية، هي أنها في أغلبيتها بمعنى مزدوج. أحدهما هو
المعنى الذي نجده في القاموس، والآخر هو معنى وظيفته خدمة السلطة – إنه المعنى
المذهبي. (...) لكن المعنى المذهبي للديمقراطية مختلف – إنه يعني نظاما فيه
القرارات متخذة من طرف بعض القطاعات من مجموعة الأعمال والنخبة المتعلقة بها.
الشعب ليس إلا "مشاهد للنشاط" وليس "مشارك" كما شرحه منظري
الديمقراطية (في هذا الحالة، والتر ليبمانWalter Lippmann). المواطنين لهم الحق في المصادقة على القرارات
المتخذة من طرف نخبتهم و منح دعمهم لهذا أو لذاك من الأعضاء، لكن ليس تلك المتمثلة
في الاهتمام بالقضايا – كمثال وضع
السياسات العامة أو المتعلقة بالشأن العام – التي ليست بتاتا، مهما يكن، وبأي صفة،
من حقهم. عندما بعض القطاعات من الشعب تخرج من عطالتها و تبدأ في تنظيم نفسها و
تنطلق في الساحة العمومية، لن تعود هناك ديمقراطية".
الطريق الثالثالذي هو التشاركية، إذن،هو طليعة الإنساني في الحرب التي تقوم
بها الشعوب ضد العولمية، التي تعمل لأجل ديكتاتورية عالمية متحكم فيها من طرف
الرأسمال العالمي. الليبرالية الزائدة المعولمة والمطالب بها كحدي (ألفا
وأوميقا) سعادة العالم، ليس فيها من الحرية والتحرير إلا الاسم. إنها في الحقيقة
نظام شمولي للسوق. آلية تجعل الإنسان خادما لها، بدل أن تخدمه. رأسمالية عالمية
تتحدد وتتطور بأزمات نظامية ونسقية مؤسساتية. الأرض، الماء، الهواء والإنسانية لا
توجد فصاعدا البتة، إلا من أجل الربح ومن أجل التقطيع المنظم والمقنن لأقلية صغيرة
من المالكين المستحوذين. هذه هي الحصيلة السريعة الذي يمكن القيام به حول عالمنا.
هذه الحقيقة الواقعية المحزنة ليست قدرا، لكن هي إرادة كمشة من "الأوليجارك"
في نهب وسرقة ثروات العمال، الإنسانية والطبيعة بكليتهم، من أجل الهدف الوحيد
المتمثل في رفع وزيادة نسبة أرباحهم. ونحن بالتشاركية، على أساس اقتصادي، نرفض
هذا النوع من العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق