مقتطفات من مقدمة "الكتاب - البيان التأسيسي"
للتشاركية:
فمزية صاحب أي نص كما هذا الذي بين يدينا، هي طريقة الجمع
وإعادة الصياغة إبداعا. وقيمة النص، أي نص، ليس بقيمة حمولته اللغوية بقدر قيمة
حمولته من الفكر والفعالية خاصة. فالصورة الواقعية أو لوحة الرسام نصان بدون حمولة
لغوية، وإنما بحمولة من نوع آخر، كل بأبعاد رمزية. ولكن كل يعبر عن شيء ما، وذو
حمولة فكرية متضمنة في كيفية القراءة والرؤية.
الإبداع، خاصة في هذا النص، هو الجمع بين العناصر المتفرقة
لموضوع واحد أو فكرة واحدة لا تظهر للناظر و لا تتبين الروابط بين عناصرها، وقد
تمكن المبدع من تبيانها وكشفها من خلال ملاحظتها والربط بينها. ولكي يحصل ذلك وجب
الكثير من القراءات والملاحظات في الكتب وفي الحياة والطبيعة. والإبداع هو المؤسس
لثبات الوجود المتغير، بالتغير معه. فالكاتب المبدع هو القارئ الواعي الذي يختار
النص ولا يختار الاسم، فاختيار النص من أهم السمات التي يمتاز بها الوعي النقدي.
فما لم نرق إلى مستوى عال من القراءة والاستيعاب، فإننا سنظل نكرر نفس الأخطاء،
ونعيد التجارب، بنفس الخطوات، حتى تصل لحظة فقدان الثقة فيما نملك من أفكار، فتصير
أفكارنا غير الفعالة، كذلك غير صادقة. فبدل أن نبحث عن وسائل الفعالية لهذه
الأفكار، نعمل على إبعادها وإزاحتها، ظنا منا أن الفكرة إذا فقدت فعاليتها انتهى
دورها في التاريخ. وإن النضال الكبير هو تفعيل الفكرة، لا إقناع الأطراف المعادية
لها بصدقية هذه الفكرة.
(...)
الاكتشاف أو الابتكار هو دائما نزع الحجاب عن شيء كان موجودا
دائما هنا، لكن العادة أو قوة أخرى معاكسة ومستفيدة كانت تواريه وتخبئه عن
أنظارنا. هو فك الشفرة والترميز الموجود في كتاب العالم حول و/أو بنقطة معينة منه.
وإن قيمة فكرة ترجع إلى أصالتها، أي جدتها بكشفها بعدما
كانت محتجبة، ولكن ترجع أكثر إلى مدى وضعها في قالب يجعلها مفهومة وقريبة للفهم وتكون
فعالة ضمن شروطها وظروفها من أجل تحققها في الواقع عبر الإنسان المعتمد عليها،
باعتباره الشرط الأساسي والوسيط لكل تحقق.
مسألة الكتابة لا ترتبط فقط "بموقفنا-من"، بل بقدرة
الكتابة على التواصل والتأثير والتغيير، بهذه الكتابة التي تفرض أثاثها المعرفي
على المجتمع. فالقضية ليست في استعمال النص واقتباسه وإنما في كيفية استعمال النص،
ضمنيا وتصريحا، ضمن ظروف داخلية وخارجية له.
هذا النص-الوثيقة كما يتبين من عنوانها عبارة عن بيان
بالمعنى السياسي بخاصة، مثل البيان الشيوعي ولكن هي بيان - كتاب تشاركي. (...).
(...) ذلك أن دور هذا البيان - الكتاب يتمثل في وظيفته
المتمثلة في نفس الوقت في الإعلام والتكوين للمناضلين التشاركيين من أجل عالم
إنساني عادل للجميع.
(...)
وإن فكرة موضوع هذه الوثيقة-البيان، في جوهرها، جديدة تعود
إلى الصغر ناتجة عن هم نفي نقائض الرأسمالية والاشتراكية وإثبات المحصلة الجدلية
لإيجابياتها نتيجة حتمية للقانون الجدلي الذي يحكم العالم والتاريخ، خاصة بأنه
يحكم نفسه أيضا بجدل الجدل.(...).
(...)
وإن هذا البيان-الكتاب ليس نهائيا في شكله وإنما مع الوقت
سيتم تطويره وتنقيحه حسب ما يستجد. ذلك أن الظروف والواجب مما يمر فيه عالمنا هو
الذي فرض علينا تقديمه في هذا الوقت بهذا الإلحاح للحاجة تلك إليه. (...)
(...)
بلقاسم مليكش (سعيد)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق